سبتمبر 29, 2023
Bclic
ثقافة

حزام الصمت: الارض المحرمة على البشر و اكثر الاماكن رعبا و غموضا

بحث وإعداد: ياسين خضراوي و مقال ينشر لأول مرة كاملا ومفصلا بالعربية

عندما يتعلق الأمر بنظريات المؤامرة، فإن هناك فرقا كبيرا بين بعض الأساطير القروية غير المؤذية ويين بعض الإعتقادات الخطير أو التي من الممكن أن تهدد سلامة البشر.

مثلا، إذا كنت سأخبرك الآن أن مخلفات النيزك تتساقط على الأرض في شكل شبكة ناعمة، فقد تعتقد دون أن تبحث أنها ظاهرة مخيفة وتخبر جميع معارفك دون شك، ومع ذلك، إذا كنت تعتقد أيضا أن الفضائيين أو الرماديين كما يحلو للبعض تسميتهم، قد صنعوا الأشكال الجيوغليفية (الجيوغليف هو تصميم كبير أو نمط (أكبر عموما من 4 أمتار) يتم تطبيقه على سطح الأرض، ويتم تشكيله عادةٌ من الصخور الفتاتية أو عناصر دائمة على نحو مماثل للجغرافيا مثل الحجارة وشظايا الحجارة والحصى، أو التراب) البيروفية القديمة التي تسمى خطوط نازكا، ثم دست عليهم أنت في محاولة لجمع “عينات”، فإن هوايتك الصغيرة الممتعة هذي ستلحق حتما أضرارًا خطيرة بالسجل الأثري الأثري.

في هذا الإطار المؤامراتي، نتحدث اليوم عن منطقة غريبة كثرت حولها الإشاعات حول العالم، وهي حزام الصمت أو كما تعرف بالإنجليزية Mapimí Silent Zone (بالإسبانية: La Zona del Silencio): هو الاسم الشائع لرقعة صحراوية بالقرب من صحراء بولسون دي مابيمي في دورانجو بالمكسيك، وهي متداخلة مع محمية مابيمي، ولطالما أُعتُبِر هذا الموضوع أسطورة قروية وحضرية، لأن الشائعات المنشرة حولها تروج إلى أنها منطقة لا يمكن فيها استقبال إشارات الراديو وأي نوع من الاتصالات مهما كان.

كانت المنطقة في السابق عبارة عن قاع بحر قديم في محيط تيثيس، والتي خلفت حفريات بحرية ورواسب ملح كبيرة يتم استخراجها إلى غاية اليوم، وفي حادثة غريبة في جويلية / تموز 1970، فقد صاروخ اختبار Athena RTV الذي تم إطلاقه من مجمع “غرين ريفر” في ولاية يوتا باتجاه موقع تجارب الصواريخ المعروف باسم “وايت ساند” في صحراء نيو مكسيكو السيطرة، وسقط في منطقة صحراء مابيمي.

عندما خرج الصاروخ عن مساره، كان يحمل حاويتين صغيرتين من الكوبالت 57، وهو عنصر مشع، ثم بعد ذلك، تم إرسال مهندس الصواريخ في وكالة ناسا وعالم الصواريخ النازي فيرنير فون براون من الولايات المتحدة للتحقيق في الحادث على جناح السرعة.

نتيجة لعملية استعادة الصاروخ من قبل القوات الجوية الأمريكية على أراضٍ مكسيكية، برزت آنذاك عدد من الخرافات والأساطير المتعلقة بالمنطقة، وبحسب ما ورد، ساعد أحد السكان المحليين الذي تم تعيينه لحماية بعض من الحطام أثناء عمليات الاسترداد، في نشر هذه الشائعات.

تضمنت الأساطير المنسوجة حولها أيضا “الانحرافات المغناطيسية الغريبة التي تمنع الإرسال اللاسلكي”، وطفرات النباتات والحيوانات الغريبة، إضافة لكونها مسرحا لزيارات الفضائيين الذين زاروا المنطقة ويزورونها باستمرار، حسب اعتقادهم. تمت بالتوازي مقارنة المنطقة بمثلث برمودا، واستخدمت جل هذه الأساطير للترويج للسياحة في المنطقة.

قبل ذلك، وفي عام 1964، كان هاري دي لا بينيا وهو مهندس يعمل لدى شركة “بيميكس” النفطية الحكومية، يقوم بمسح في الصحراء في سعيه لتشغيل خط أنابيب نفط إلى خيمينيز، تشيهواهوا. خلال بعثته، واجه منطقة ميتة أو “صامتة” أثرت على اتصالاته اللاسلكية، وكان دي لا بينيا هو من وصف المنطقة بأنها “منطقة الصمت”.

منذ ذلك الحين، ظل المصطلح عالقًا واستخدم بشكل متكرر، ثم بعد أن أبدى اهتمامًا كبيرًا بهذه الانحرافات اللاسلكية، عاد إلى المنطقة عدة مرات لمحاولة تكرار هذه الظاهرة، وما ما اكتشفه هو أن المناطق الميتة أو الصامتة لم تكن مستقرة على مكان واحد، يبدو أنهم يتحركون من مكان إلى آخر، ولم يكن قادرًا البتة على تحديد مواقع التداخل اللاسلكي بدقة.

أعطت هذه التقارير عن انقطاع التيار اللاسلكي منطقة حزام الصمت سمعة مخيفة، ولكن ما حدث بعد عدة سنوات من أول رحلة استكشافية لـ دي لا بينيا إلى المنطقة من شأنه أن يتسبب في حدوث فوضى في مجتمعات الأجسام الطائرة المجهولة، والعلوم الزائفة، ومجتمعات نظرية المؤامرة، ونمت الأساطير عقب ذلك بشدة.

بالإضافة إلى كل تلك القصص المتعلقة بفقدان إشارات الراديو والاتصالات، ظهرت تقارير لا حصر لها عن أحداث شاذة حول منطقة حزام الصمت، كان بعضها ذا مصداقية عالية، ولكن الأغلبية الساحقة منها لم تتلقى أي تفسير واضح وكافٍ.

تؤرخ أيضا هذه القصص والتقارير كل شيء من الأضواء الغريبة في السماء إلى الطائرات المستطيلة إلى ظهور الناس من العدم تقريبًا. كان هناك بالفعل فائض من التقارير مما دفع بعض الأشخاص إلى إيجاد وجه تشابه بين منطقة حزام الصمت ومناطق أخرى من العالم، مثل مثلث التنين بالقرب من اليابان ومثلث برمودا الشهير، وربما توصلوا إلى هذه الاستنتاجات لأن المنطقة وجدت على خط الطول المتوازي مع هضبة الجيزة ومثلث برمودا – بين 25 درجة و 29 درجة شمالًا.

من جهة أخرى يبدو أن هناك عددًا كبيرا من الشذوذ والإنحرافات الجيولوجية حول هذه المنطقة التي يمكن تصنيفها على أنها غير عادية، ربما تكون أيضا هذه المنطقة الصحراوية فريدة من نوعها بالفعل، وعلى الرغم من عدم إثبات ذلك، إلا أن إحدى السمات التي ترتبط غالبًا بحزام الصمت هي المستويات العالية من المغنتيت واليورانيوم، فيما يعتقد بعض الباحثين الذين درسوا المنطقة وتأثيراتها المحتملة أن هذه المستويات العالية من المعادن مسؤولة عن عدم وجود إشارات عميقة داخل المنطقة، وكان هذا من أوائل التفسيرات العلمية وأكثرها منطقية بعيدا عن الإشاعات ونظريات المؤامرة.

من جهة أخرى، يُزعم أيضا أن العديد من النيازك التي تخترق الغلاف الجوي للأرض تميل إلى الاقتراب من المنطقة، يتكون الكثير من هذه النيازك من الحديد أو معادن أخرى تنجذب إلى المجالات المغناطيسية، ومع ذلك، يشير بعض الخبراء إلى أن المنطقة لم تجتذب أي شهب أكثر من المعتاد.

كانت هناك شهادات حول كائنات غريبة في المنطقة أيضا، وعلى وجه التحديد، نفس الأشخاص الثلاثة على أساس منتظم، حيث يتكون هذا الثلاثي من امرأة واحدة برفقة رجلين, وجميعهم شقر وبيض البشرة، وكانت بالتوازي توجد مزرعة أبقار قريبة من المنطقة، ادعى أصحابها مواجهتهم لهذا الثلاثي الغريب، أكثر من غيرهم من جيرانهم المزارعين.

وفقًا للعاملين هناك، ارتدى أعضاء المجموعة الثلاثة ملابس “غير مناسبة على الإطلاق لبيئة صحراوية”، يُزعم أيضا أنهم جميعًا يتحدثون الإسبانية بطلاقة مثل السكان الأصليين ولم يكونوا جذابين للغاية فحسب، بل كانوا أيضًا مهذبين إلى أقصى الحدود، وكانت كل زيارة لهم للمزرعة تكون بنفس الدافع في كل مرة حيث يطلبون ملء خزاناتهم بالمياه من البئر الموجود في الأرجاء، لم يطلبوا أبدًا الطعام أو أي شيء آخر وفقًا لموظفي المزرعة، عندما تجرأ أحد أصحاب المكان على سؤالهم عن المكان الذي أتوا منه بالضبط، كان كان الرد الوحيد الذي قدموه هو “من أعلى !!”.

بعد ذلك، صدر تقرير في أكتوبر / تشرين الأول 1975 عزز إرث المنطقة كمكان غريب حقًا، حيث غامر صيادو الحفريات إرنستو وجوزيفينا دياز بالدخول إلى المنطقة لجمع العينات وأي صخور غير عادية يمكن أن يعثروا عليها. أثناء عملهم، كانت عاصفة ممطرة تتجه في اتجاههم، ولحسن حظ للزوجين، لاحظوا ذلك واتخذوا إجراءات لتجنب الوقوع في فيضان مفاجئ، ومع ذلك، فقد فات الأوان بالنسبة لهم ليكونوا بأمان تام.

في الأثناء، وبينما كانوا يحاولون تجاوز العاصفة، أيقنوا أنهم لن يتمكنوا من ذلك البتة، حيث بدأت الأرض حول شاحنتهم الصغيرة في التحول إلى مستنقع ممتلئ بالسوائل، وتقطعت بهم السبل داخل سيارتهم. ما تبع ذلك يمكن وصفه بأنه ضربة لا تصدق من الحظ السعيد، أو ربما شيء آخر تمامًا، حيث اقترب رجلان من السيارة وركابها، وعرضوا تحرير الزوجين المحاصرين.

ارتدى كلا المنقذين ملابس متطابقة: معطف واق من المطر أصفر وقبعة، وبمجرد أن ظهر الزوجان، شقت شاحنة دياز بطريقة ما طريقها إلى أرض ثابتة وخرجت من الخطر، في الأثناء، تجاهل إرنستو التعليمات بالبقاء داخل الشاحنة وأراد أن يشكرهم شخصيًا على جهودهم، لكن مهما كان هؤلاء الرجال، فقد اختفوا دون أن يتركوا وراءهم حتى آثار أقدامهم في الوحل.

بعد سنوات، شهدت المكسيك حدوث كسوف كلي للشمس عام 1991، ومنذ ذلك الحين، أصبحت تلك الدولة واحدة من أكثر النقاط الساخنة نشاطًا للأطباق الطائرة في العالم، أيضا، فلقد سبقت بعض الأنشطة المزعومة داخل المنطقة الخسوف بعدد من السنوات، وظهر أحد هذه التقارير عن رؤية جسم غامض في سبتمبر / أيلول 1976 في سيبايوس، أقرب مدينة إلى منطقة حزام الصمت.

على الرغم من وجود العديد من الألغاز ذات الطبيعة الخارقة داخل منطقة الصمت، إلا أن الكثير من الناس يفضلون التفسيرات العلمية الملموسة، كان هناك أيضا تكهنات عديدة حول ما إذا كان هناك تحقيق مستمر في الانحرافات الغريبة في المنطقة أم لا.

من جهة أخرى، كانت الحكومة المكسيكية والمنظمات العلمية في طليعة البحث الفعلي داخل المنطقة، ومع ذلك، كان على ما يبدو أن أهدافهم الأساسية تركزت على التنوع الغني للنباتات والحيوانات داخل مواطنهم الصحراوية.

صرح د. صموئيل باندا الذي مان ضمن الفريق حينها “إن البيئة في المنطقة فريدة من نوعها ولها أنواعها الخاصة: يوجد 31 نوعًا من النباتات الموطنة، مثل أنواع معينة من الصبار، و 75 نوعًا من الحيوانات المحمية، لا سيما سلحفاة الصحراء، التي تم إعلانها حاليًا من الأنواع المعرضة للخطر. من الممكن أيضًا العثور على الحفريات ورؤوس الأسهم بكميات محترمة، بالنظر إلى ماضي المنطقة القديمة وما قبل العصر القديم … في عام 1979 تم إعلان المنطقة جزءًا من محمية مابيمي بيوسفير وتم بناء مختبر بجوار سلسلة جبال Cerro San Ignacio العام السابق”.

أدت الآثار التراكمية للاضطرابات الراديوية في المنطقة على مر السنين، إلى جانب سقوط الصاروخ والعمليات السرية لاستعادة الكبسولة المشعة، إلى مزاعم مبالغ فيها للغاية بشأن الموقع، وعلى مر السنين، انتشرت الأساطير حول منطقة الصمت في جميع أنحاء العالم، وهنا وبطبيعة الحال، فإن أي مكان يتمتع بسمعة غريبة سيشهد زيادة في عدد الزوار.

في حقيقة الأمر، فإلى غاية اليوم، الدليل على وجود أي شيء غير عادي أو خوارق حول منطقة الصمت غير موجود، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن القصص المتعلقة بفقدان الاتصالات اللاسلكية كانت خاطئة تمامًا. فعلميا، هناك سلاسل جبلية حول المنطقة قد تسبب بعض التداخل، ويكمن أن تعطل الإرسال بسهولة، وهذا ليس بجديد على كل حال.

من ناحية أخرى، بالنظر إلى أن معظم الناس في المنطقة يحاولون تربية الماشية، فإن وجود السائحين يتجولون في أراضيهم ليس مفيدًا تمامًا (خاصة إذا كانوا يفتحون البوابات أو الأسوار). تضم محمية مابيمي أيضًا محطة أبحاث تدرس البيئة في المنطقة، كما ذكرنا، ويعوق هذا البحث -الأشخاص المجانين الذين يبحثون عن كائنات فضائية.

في النهاية، ولنكن واضحين أن الباحثين الذين يعملون بالفعل في المنطقة لم يواجهوا أبدًا مشاكل مع إشارات الراديو أو البوصلات، ولم يواجهوا البتة أية مشاكل من تلك النوع، فدعنا إذن نستقر على تعريف، منطقة الصمت هي منطقة خاصة ربما، تم صناعتها روحيا في صحراء تشيهواهوان، يمكن أن تستمر في تغذية نظريات المؤامرة، لكن علميا، لاشيء يدعو للقلق أو الريبة، فحسب كل الأبحاث الأخيرة، استقر العلماء على أنها منطقة عادية، ربما تنقطع فيها الإشارات أحيانا، كما يحدث في وسط بعض أكثر المدن ضخامة.

المراجع :

  • Guia Roji, México Tourist Atlas 2002, p. 70. ISBN 970-621-176-4.
  • Zona del Silencio and its Legend
  • Dunning, Brian (August 14, 2012). “Skeptoid #323: 8 Spooky Places, and Why They’re Like That”. Skeptoid. “6. Mapimí Silent Zone”
  1. Eckles, Jim. “The Athena That Got Away”. White Sands Missile Range. Retrieved 21 February 2011.
  2. ^ a b Kaus, Andrea. “The Zone Of Silence of northern Mexico – scientific marvel or just fiction?”. MexConnect. Retrieved 21 February 2011.
  3. ^ a b c Wilson, T. E. (3 November 2016). “Exploring Mexico’s Zone of Silence, Where Radio Signals Fail and Meteorites Crash”. Atlas Obscura. Retrieved 25 May 2020.
  4. ^ Associated Press (August 4, 1970). “Mexicans Find Radioactive Cone”. The Milwaukee Sentinel. Retrieved July 27, 2015 – via Google Ne

Related posts

قناة صينية تبث برنامجا يروج للاكلات و السياحة التونسية

صحفي تونسي

خاص : زوجة فنان تونسي تعتدي عليه بسكين و السبب غريب

صحفي تونسي

كريم الغربي و لطفي العبدلي نجوم مسلسل قناة نسمة في رمضان

صحفي تونسي

Leave a Comment